وعندما تجد الأسماء وهي مما لا يُنتبه إليه؛ لكن لو أن أحداً استعرض ثلاثة أجيال في هذا المجتمع وفي هذه البلدة فإنه يجد ما يلي:الجيل الأول: جيل ما قبل أربعين سنة، فكل أسماء أمهاتنا معروفة تقريباً, ونستطيع عدها في عشرة أو عشرين اسماً، فإننا نجد أن 90% على العشرة أو العشرين الاسم فقط, والباقي شواذ.الجيل الثاني: تجد فيه اختلافاً, وتحولاً كبيراً.الجيل الثالث: الجيل الآن, وهو منقسم؛ ففي البيت تجد مثلاً: خديجة وزينب ومريم وغيرها من الأسماء الإسلامية، وأسماء أخرى يستحي أحدنا ذكرها؛ لأنها بعيدة كل البعد, وحتى بعضها لا معنى له.الظاهرة هذه تدل على أن مجتمعنا كان متوحداً في السابق على قيم معينة يتفق عليها الناس؛ لكنها لم تكن قيماً واعية، ليست بالضرورة أنها قيم واعية من حيث الوعي الذي نشعر به الآن لمواجهة المتغير الجديد الطارئ على المجتمع الإسلامي؛ لكن كان عندنا أساس عام بأن ذلك خير وفضيلة حسنة.. إلى آخره.الجيل الثاني: غلب عليه طابع التحديث، وهو أيضاً كان وعيه أقل, وكان الانبهار والتحديث والإعجاب أكثر؛ فتجد أسماء قديمة وحديثة, وأسماء مغنين ومغنيات.. إلى آخره.الجيل الثالث: الذي أصبحت الدعوة فيه واعية, والصحوة متميزة بالوعي، وبالمقابل الطرف الآخر بدأ ينهار للحضيض, فتجد فيه التمايز.مع الأسف الشديد -ولا مؤاخذة- لو اتصل أحدنا أو مر بجوار أي بيت وسمع من ينادي من الأطفال: يا خديجة أو يا مريم أو يا رقية أو يا عائشة يرد إليه أنها خادمة، لكن لو نودي بأي اسم من الأسماء التي لا نريد ذكرها يعرف أن تلك بنت في الجامعة.طبعاً لا نقول: إن هذا في كل مكان؛ لكن وجودها يدل دلالة خطيرة جداً سواء في دلالتها أو في رمزيتها على قابليتنا نحن للتغيُّر داخلياً, وبالذات في هذه الجزيرة التي والحمد الله حماها الله تبارك وتعالى من أن تطأها قدم مستعمر؛ بالذات المملكة و اليمن، طبعاً بقية دول الخليج معروف؛ لكن التي لم يدخلها المستعمر يجب أن تكون أبعد عن التأثر, ومع ذلك نجد هذه الظاهرة الجديدة والغريبة والفريدة.